قبل العام 2018، كنا لا نكاد نسمع بشيء اسمه “مركز الرقابة على الأغذية والأدوية” إلا في النادر من الأوقات، رغم ما تمتلكه من إمكانيات.
وفجأة أصبحنا نرى رجال مركز الرقابة يجوبون المدن الليبية، يضعون أيديهم على مواطن الخلل، ويتفحصون بأعينهم الساهرة ما يغزو أسواقنا من سلع غذائية وأدوية.
لا يستطيع أحدنا إلا أن يتساءل عن السببية وراء هذه النهضة المفاجئة، لعلها تبدي لنا بعض الجوانب الإيجابية الغائبة عن معظم إداراتنا ومؤسساتنا.
نهض مركز الرقابة على الأغذية والأدوية من الرماد كالعنقاء، فور تغيير إدارته نهاية العام 2018، جالبة معها زخماً وطاقة إيجابية وسواعد وطنية متعطشة للعمل الوطني الجاد.
وسرعان ما انبثق هذا الزخم والرغبة في تقديم الأفضل إلى عمل ميداني ملموس، تجسد في بدايته بإطلاق “الحملة الوطنية للأمن الغذائي والدوائي”، والتي انطلقت في شهر نوفمبر من العام المنصرم، بمختلف المدن والمناطق الليبية.
تمكنت هذه الحملة من التصدي لأصحاب النفوس الضعيفة ممن يستوردون أو يتاجرون بمواد غذائية وأدوية لا تطابق المواصفات المعتمدة، غير عابئين بصحة وسلامة المواطنين. وسخرت الحملة، التي شهدت تعاوناً بين عدد من أجهزة الدولة والمواطنين الغيورين على بلدهم، سخرت إمكانياتها لمراقبة كافة المنافذ البرية والبحرية والجوية، والأسواق التجارية، ومصانع المواد الغذائية، لا يردعهم في مسعاهم ذو سلطان أو نفوذ.
ومما أكسب هذه الحملة المزيد من الزخم وتجاوباً فريداً من المواطنين، ابتعادها المطلق عن أي تجاذبات سياسية، مكرسة جل اهتمامها لحماية المستهلك الليبي.
يبدو أن الإدارة الرشيدة لمركز الرقابة، استطاعت إدارة دفة المؤسسة نحو الوجهة الصحيحة، فأصبحت كل فروع المركز شرقاً وغرباً تعمل تحت مظلتها بروح وطنية قل ما نراها في مؤسساتنا.
كما يبدو أن الدماء الفتية والسواعد الشابة التي دفعت بها، آتت أكلها، فتضاعفت مردودية العمل بامتزاج روح الشباب بحكمة الكبار. فما نراه من إعلاميي المركز من جهود وعمل ميداني مثمر يدل على وجود استراتيجية واضحة لدى إدارة المركز وقيادته المتمثلة في د. محمد عمر حسن، الذي تمكن في فترة قياسية من إحياء جسم كنا في أشد الحاجة إليه.
وما شهدنا إلا بما علمنا ولا نزكي على الله أحداً.