أطلعت على ما نُشر حول القضية ومن الواضح أن الدكتور محسن علي الدريجة قد طعن في قرار أدى إلى إقالته بشكل تعسفي ومخالف لقانون المؤسسة الليبية للاستثمار وقانون العمل وأنه تضرر من ذلك القرار. المحكمة قررت إلغاء القرار الذي تسبب في إقالته لأنه باطل وقضت بإلغاء كل الآثار المترتبة عليه. فماذا يعني إلغاء القرار الذي أدى إلى إقالته وكل الآثار المترتبة عليه؟

المحكمة العليا بيَّنت معنى إلغاء القرار الإداري وما ترتب عليه من آثار، وإن كان المعنى واضح من منطوق الحكم “يُلغى القرار وم اترتب عليه من آثار”، فقالت:

إن الأثر الذي يترتب على إلغاء القرار الإداري هو إعدامه لعدم مشروعيته فتزول العقبة التي حالت بين المحكوم له وبين استعمال حقه المشروع

كما قالت:

إذا ما حكم بإلغاء القرار الإداري فإن الإدارة تلتزم بتنفيذ الحكم وإعادة الحال إلى ما كان عليه كما لو لم يصدر هذا القرار إطلاقاً.. إن مقتضى تنفيذ الحكم الحائز لقوة الأمر المقضي الذي قضى بإلغائه القرار المطعون فيه هو إعدام هذا القرار ومحو آثاره من وقت صدوره في الخصوص

أي أن إلغاء القرار الذي أدى إلى إقالة موظف عام يعني أن قرار تعيينه هو القرار الساري وأن التعيينات التي بنيت على ذلك القرار وما تلاه من قرارات بنيت على أساس باطل وملغي وأصبحت أيضاً ملغية.

ما يؤكد صحة هذا التفسير هو أن د علي محمود حسن الرئيس الحالي للمؤسسة طعن في تنفيذ الحكم وسمح له بتقديم الطعن لأنه صاحب مصلحة والحكم يلغى مركزه الوظيفي. وإذا كان الأمر كما صرح المتحدث الإعلامي للمؤسسة “لؤي القريو” فلماذا طعن علي محمود حسن في تنفيذ الحكم وخسر القضية؟ ولماذا قبلت المحكمة النظر في طلبه الذي رفضته ‘ذا كان وضعه الوظيفي لا يتأثر بتنفيذ الحكم؟ هذا كلام مرسل ومتناقض ولا يتعدى كونه مماطلة في تنفيذ الحكم وعدم الرضوخ لأمر القضاء والتمسك بالمنصب.

الأستاذ الدكتور محمد عبد الله الحراري أستاذ القانون العام بكلية القانون بجامعة طرابلس قال في كتابه “أصول القانون الإداري الليبي صفحة 274-275”: “إذا تحققت دائرة القضاء الإداري من صحة ما يدعيه الطاعن على القرار المطعون فيه وأن هذا القرار يشوبه فعلاً عيب من عيوب القرار الإداري فإنها في هذه الحالة تحكم بإلغائه ويترتب على هذا الحكم إعدام جميع آثار القرار الإداري بالنسبة للمستقبل وإلى الماضي على حد سواء، كما يكون لحكم الإلغاء النهائي في هذه الفرضية حجية مطلقة بمعنى أنه يكون حجة على الكافة سواءً كان طرفاً في الدعوى أو لم يكن”.

إنه من العيب الحديث عن الأحكام القضائية بالطريقة التي تحدث بها “لؤي القريو” فهي طريقة فيها تقليل من شأن القانون الليبي واستخفاف بأحكامه ربما في دولة أخرى لا يمر مثل هذا التطاول بدون عقوبة.